تــوطئـــة
وتبيـــــان
عندما أدرك المؤسسون الأوائل للجمعية
الضرورات الموضوعية التي استوجبت وجودها لم تستوقفهم الصعوبات التي أخذت حينئذ
طابعاً استثنائياً في ظل الظروف السياسية المضطربة التي شهدها الوطن في مطلع
تسعينات القرن الماضي بعد فترة وجيزة من إعادة تحقيق وحدة الوطن وقبل أن يشتد عود
هذه الوحدة المباركة وتتجذر كينونتها لتصبح كشجرة طيبة أصلها ثابت وفرعها في
السماء وألقت تلك الظروف بظلالها المعيق على الهموم والتطلعات الجماعية لمختلف
شرائح المجتمع بما في ذلك تطلعات موظفي الخارجية في وجود جمعية لهم تعزز مواطن
التكافل ودفء التفاعل فيما بينهم، فبدا النجاح في ذلك شاقاً وغدا بتحقيقه عندئذ
إنجازاً نوعياً ما كان له أن يتغلب على عسر المخاض في تلك المرحلة لولا اقتدار
المؤسسين وإصرارهم على تجاوز محطات التسييس ومضايق الانتماء الحزبي ، فتسنّى إثر
ذلك لأول هيئة إدارية للجمعية رأسها الأخ السفير/ حمود الشامي بالتعاون مع كوكبة
من المؤسسين إعداد وإقرار أول نظام أساسي للجمعية شكّل القاعدة التي تراكمت عليها
لبنات الإنجاز والنماء في مهام الجمعية.
تلك كانت البدايات التي لم يتوقف بعدها
حراك التطور والتطوير في مسار الجمعية وفق عملية تراكمية كفلت بنتاجها قطوفاً
ملموسة من الإنجاز في الاتجاهين الرأسي والأفقي بما أثمرته جهود الهيئات الإدارية
التي تعاقبت على إدارة الجمعية.
وتشكلت أولى المعالم
في هذا السياق باستحداث وجه من وجوه التكافل المشهود والذي يستهدف تخفيف مصاعب
الحياة على أسرة العضو في حالة وفاته بمنحها عوناً فاعلاً يتمثل في الحصيلة
الإجمالية لراتب يوم يستقطع من كل الأعضاء وهو الإنجاز الذي حققته الهيئة الإدارية
التي رأسها الأخ السفير/ يحيى الشامي.
وتواصل حراك التراكم
بإنجاز آخر توج جهود الهيئة الإدارية التي رأسها الأخ السفير/د. إبراهيم العدوفي،
بتوسيع دائرة العون الذي تقدمه الجمعية لأعضائها ليشمل إلى جانب حالة الوفاة حالة
التقاعد أيضاً وذلك بإنشاء صندوق التكافل الذي يعني بالحالتين معاً وتأطير الأمر
بنظام أساسي بدأ تنفيذه من يوليو 2000م.
وكسابقاتها فقد درجت
الهيئة الإدارية التي رأسها الأخ السفير/ محمد حجر على منوال التراكم البنّاء بما
تركته من بصمات مهمة تبدت معالمها في وضع نظام محاسبي للجمعية يتسم بالدقة
والشفافية والشمول، كذلك قيامها بإعداد مشروع للتعديلات في إطار النظام الأساسي
للجمعية تسنى الاستئناس ببعض مضامينه في سياق التعديلات التي تضمنها النظام
الحالي، هذا فضلاً عن إسهامها في تحديد المحاذير التي ينبغي التغلب عليها في إطار
النظام الأساسي لصندوق التكافل، وما يستوجبه ذلك من إعادة النظر في مضامينه.
هذه الحقائق كان
لابد من التعرض لها ليس فقط لأنها تعبر عن كلمة حق تستنطقها مقتضيات الإنصاف
وموجبات العرفان لمن أسهم بوضع لبنات الإنجاز لترجمة أهداف الجمعية بل لأن تأكيدها
يغدو ضرورة تستلزمها دواعي التوثيق والتذكير بالمحطات البارزة التي عبرتها الجمعية
في مسيرتها. ومهدت سبل الوصول إلى المستوى الذي تعتز به في حاضرها ويتحدث عن نفسه
بقطوف مشهودة تلامس جانباً واسعاً من الهموم والاحتياجات لجميع أعضائها بما تسنى
للهيئة الإدارية الحالية تحقيقه وتجسيده في جوانب متعددة وفق منظور استضاءت به هذه
الهيئة في مهامها وتأسس عليه منطلقها ويتمثل في:-
1-
الحرص عل مبدأ الإضافة وتجنب
مساوئ الحذف والإلغاء في مواطن الإنجاز، أي الحفاظ على ماهو قائم وتلمس سبل تطويره
وتفعيله والعمل على ألاّ يقوم أي إنجاز جديد على إلغاء إنجاز سابق.
2-
القناعة بأن المهمة الرئيسة
التي ينبغي أن تستأثر بحيز واسع من تفكير وجهود وتوجهات الهيئة الإدارية وتعتلي
قمة أولوياتها بصورة دائمة هي استمرار التفاعل الخلاق مع الهموم المشتركة لأعضاء
الجمعية، وأن واجب الالتزام بهذا الأمر يتجسد فقط بتلمس سبل العون الذي يمكن أن
تقدمه الجمعية لأعضائها سواء كان عوناً مباشراً أو غير مباشر، منتظماً أو مرهوناً
بظرف معين وسواء تطلب التزاماً مالياً تتحمله الجمعية أو استوجب بذل الجهد فقط من
هيئتها الإدارية.
3-
ضرورة تأسيس أي إنجاز جديد على
دراسة موضوعية شاملة ودقيقة لمختلف جوانبه ليكتسب قابلية التنفيذ والاستمرار.
وقد تجلت الترجمة الحية لهذه الركائز في مواطن الإنجاز التي تضمنتها
دائرتين رئيسيتين تمثلت الأولى في تلك الإنجازات التي لم تشترط التعديل في النظام
الأساسي للجمعية بقدر ماتطلبت التفعيل لمضامينه ومنها على سبيل المثال:-
1-
تخصيص مبلغ معين من موارد
الجمعية لتقديم قروض ميسرة للأعضاء وفق ضوابط تتعين بها حدوده القصوى وآلية
استرجاعه.
2-
تنمية مهارات أعضاء الجمعية
وأبنائهم بإقامة دورات منتظمة لدراسة اللغة الانجليزية والكمبيوتر.
3-
تمكين الأعضاء من امتلاك أجهزة
تنمية المهارات وتحديداً أجهزة الكمبيوتر وفق نظام التقسيط وبشروط ميسرة من حيث
السعر ومبلغ القسط الشهري.
4-
تقديم خدمة الاستشفاء المجاني
للأعضاء وذويهم بالتعاقد مع عدد من الأطباء الاستشاريين في مختلف التخصصات.
5-
تجهيز قاعة واسعة للمناسبات في
مقر الجمعية وتوفير كافة مستلزماتها وتقديم خدمتها المجانية لمن يحتاجها من
الأعضاء.
6-
تحمل تكاليف الأدوية التي
يحتاجها الأعضاء الذين يعانون من أمراض مزمنة وتقتضي تعاطي أدويتها بصورة مستمرة،
بما يخفف العبء عليهم في تحمل تكاليفها.
والأهم في هذا المقام ما تضمنته الدائرة الثانية من معالم الإنجاز
التي اقتضت بالضرورة إجراء بعض التعديلات في كل من النظام الأساسي لصندوق التكافل
والنظام الأساسي للجمعية، واستفتحت الهيئة الإدارية هذا الأمر بإمعان النظر في
إمكانية تقديم عون منتظم لكل الأعضاء خلال
فترة مهامهم بالداخل في إطار صندوق التكافل بحيث لا تتوقف غايته عند مجرد العون
الذي تقدمه الجمعية في نهاية خدمة العضو (
التقاعد – الوفاة ) بل يشمل أيضاً عوناً شهرياً منتظماً لكل الأعضاء. هذا فضلاً عن
تلمس سبل إضافية لاستحداث وجوه من العون تسهم في تخفيف ما يتحمله العضو من أعباء
في الحالات الطارئة.
وفي هذا السياق حرصت
الهيئة الإدارية على أهمية التشاور وتبادل الرؤى مع عدد كبير من أعضاء الجمعية
العمومية في إطار سلسلة من اللقاءات الموسعة. ولاقى هذا التوجه تفاعلاً بنّاءً
وتعاوناً مثمراً من قبل قيادة الوزارة وفي المقدمة معالي الأخ / الوزير أستاذ دكتور أبوبكر عبدالله
القربي والأخ الأستاذ السفير/ محمد حسين
حاتم وكيل وزارة الخارجية للشؤون المالية والإدارية.
على إثر ذلك عكفت
الهيئة الإدارية بالتعاون مع لجنة الرقابة للجمعية وفي مقدمتها الأخ الأستاذ/ أحمد
سعيد نعمان، على إجراء التعديلات الممكنة التي بنيت على دراسة متأنية ومستفيضة في
ضوء قاعدة واسعة من البيانات الوظيفية لكل الأعضاء خصوصاً فيما يتعلق بصندوق
التكافل بما يكفل سلامة التعديلات، وتحديد معايير الالتزامات والحقوق التي تراعي
مقتضيات الإنصاف ومبدأ التكافل، وخلصت تلك الدراسة التي استغرقت شهوراً إلى مجموعة
من النتائج التي عكست نفسها على مضامين التعديلات، ويجدر في هذا المقام ذكرها
لماماً لمعرفة الخلفية التي تبين مقاصد التعديلات في إطار النظامين الأساسيين وقد
تمثلت أهمها فيما يأتي:-
·
أن هناك إمكانية لتوسيع صندوق
التكافل ليشمل في إطاره فرعين أحدهما يعني بتقديم عون شهري لأعضائه خلال فترة
مهامهم بالداخل ويسمى صندوق القرض الشهري والآخر يعني بتقديم عون فاعل للعضو أو
لورثته عند التقاعد أو الوفاة. ويسمى صندوق رعاية نهاية الخدمة. وذلك بالاعتماد
على نفس الاشتراك الشهري الذي كان مخصصاً لصندوق التكافل قبل توسيعه مع إضافة بسيطة
لا تشكل عبئاً مثقلاً على الأعضاء.
·
إن انخفاض مستوى دخل العضو في
إطار شريحة الإداريين عن مستوى دخل العضو في إطار شريحة الدبلوماسيين لا بد من
مراعاته في تحديد تلك الإضافة البسيطة على الاشتراك.
·
إن المساواة في الحقوق لا بد أن
يصحبها المساواة في تحمل الالتزامات وبالتالي كان لابد من تجسيد هذا المبدأ في
مضامين النظامين الأساسيين كما هو شأن شروط العضوية، ومقدار الاستحقاق لكل من
الدبلوماسيين والإداريين في إطار صندوق القرض الشهري. غير أن هذا المبدأ لم يمنع
من مراعاة مبدأ آخر وهو واجب التكافل كما تجسد ذلك في مواطن مختلفة أهمها:-
1. إن حصر الاستفادة من مزايا صندوق القرض على الذين يتحملون أعبائه لم
يمنع من تمكين الزملاء العاملين الذين يتعذر عليهم تحمل تلك الأعباء من الحصول على
عون شهري منتظم في إطار ذلك الصندوق.
2. وبالمثل فإن حصر الاستفادة في إطار صندوق الرعاية على الأعضاء الذين
يتحملون اشتراكاته لم تنتفِ معه الإمكانية لتقديم العون في حالتي التقاعد والوفاة
في إطار النظام الأساسي للجمعية لمن لم يتوفر لديه شروط العضوية في صندوق التكافل
دون أن يتحمل الصندوق الأعباء المترتبة على ذلك.
·
إنّ مقدار العون الذي يقدمه
صندوق الرعاية وآلية الاستحقاق في إطاره قد تبلور تحديدهما بما يكفل للصندوق
ديمومة الإمكانية لمواجهة العون الذي يقدمه للأعضاء بصورة مستمرة، ويراعى التوازي
بين الموارد والاستحقاق ويتناسب مع ما يتحمله كل عضو من اشتراكات، دون إغفال لمبدأ
التكافل وهو الأمر الذي تأسس على ضوء معرفة عدد الذين تتوفر لديهم شروط العضوية
ومعرفة موعد تقاعد كل عضو ومعرفة عدد الفترات التي يمكن أن يحظى بها في التعيين
بالخارج، ومعرفة عدد الذين سيحالون إلى التقاعد في كل عام حتى عام 2037م ومعرفة
إجمالي الموارد خلال 35 عاماً.
·
إنّ الغاية من صندوق رعاية
نهاية الخدمة تتمثل في تمكين العضو أو ورثته من الحصول على عون عند التقاعد أو
الوفاة، كما أن الاستفادة من مزايا صندوق القرض الشهري لا تعدو عن كونها مجرد قرض
ينبغي سداده لمن تحمل أعبائه. وبالتالي فإن منطق الإنصاف يقتضي أن يكون ذلك شرطاً
للعضوية. ولئن كان في ذلك ما يمنع الاستمرار في عضوية صندوق التكافل لمن أحيل إلى
التقاعد إلاّ أن هذا الأمر لا ينسحب على العضوية في الجمعية. فانتهاء العضوية في
الجمعية لا يرتهن بحصول العضو على عون معين وبالتالي فإن من حق المتقاعد الاستمرار
في العضوية مادام ملتزماً بدفع الاشتراكات الشهرية.
·
تبيّن
إنّ هناك إمكانية لإسهام الجمعية في تخفيف الأعباء الناشئة عن الظروف الطارئة التي
تمر بالعضو ( زواج – مرض – وفاة لأي من أقاربه ذوي الدرجة
الأولى ). وتأطير ذلك بمضامين النظام الأساسي للجمعية.
هذه هي
النتائج التي تأسست عليها مضامين النظامين الأساسيين للجمعية وصندوق التكافل
اللذين تم إقرارهما من قبل الجمعية العمومية في شهر يوليو 2003م وتضمّنهما هذا
الكتيب، بعد أن صارا نافذين.ولئن كان في ما تقدم وتجسّد بواقع التنفيذ ما يبعث على
رضا أعضاء الجمعية فإن ذلك يجعلنا نستشعر استجابة المولى سبحانه بتوفيقه الذي
ارتجينا أن يحالفنا فيما حرصنا على الإسهام بتحقيقه في اتجاه الغايات المنشودة
للجمعية.
ولا نحسب لنا في ذلك فضلاً ننفرد به عن
غيرنا وإنما نعده نتاجاً لاتصال أمسنا بيومنا في مسيرة الجمعية، وثمرة جماعية
أينعت بتراكم الجهود وامتدادها مع سلفٍ سبقنا وكان له دوره المشهود في البناء ولن
يتوقف حراكها دون شك في الغد مع خَلَفٍ سينال ثقة الاختيار بعدنا فيثريها بمواطن
جديدة من الإنجاز وتوسيع دائرة الزروع التي تنفع الأعضاء وهو أمر لا أخاله مجرد
ظنٍ يبعثه التفاؤل، ولكني أنظر إليه بحسبانه يقيناً في ضوء ماينبئنا به تطور
التجربة ونضجها لدى أعضاء الجمعية في حسن الاختيار بما يجعل اختيار الغد أفضل من
اختيار اليوم إن شاء الله.
ونسأل الله لنا جميعاً أن يبصرنا السداد ويلهمنا الرشاد ..
في خير العمل ونبل المقصد ..
السفير/ علي
عبدالملك قاضي
رئيس الهيئة الإدارية للجمعية
الثقافية الاجتماعية لموظفي وزارة الخارجية
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق